همس الحياة عبر آثير الالوان

الأحد، 7 نوفمبر 2010

التلوث‎ ‎السمعي‎ ‎وتأثيراته‎ ‎على‎ ‎الإنسان‎



تعتبر الضوضاء مشكلة قديمة قدم‎ ‎الإنسان‎ ‎نفسه فمنذ قيام الثورة‎ ‎الصناعية فى القرن الماضى أصبحت مشكلة الضوضاء من ‏أهم المشكلات التى صاحبت الازدهار‎ ‎والتقدم الصناعى. ومشكلة الضوضاء صاحبها ظهور سلبيات متعددة وضارة على‎ ‎الإنسان‎ ‎سواء

من الناحية‎ ‎النفسية أو الصحية أو العقلية على المدى البعيد أو المدى القريب. حيث صاحب التقدم‎ ‎التكنولوجى فى العقود القليلة الماضية ظهور مصادر متنوعة للضوضاء مصاحبة للإنسان‎ ‎أينما ذهب، فالضوضاء متواجدة مع‎ ‎الإنسان‎ ‎فى المنزل الذى يعيش‎ ‎فيه ويذهب إليه طلباً للراحة والاسترخاء والهدوء فيسمع الأصوات الصاخبة عن طريق‎ ‎الخلاط أو المكنسة أو المكيف أو أجهزة التليفاز والمذياع، وفى العمل تظهر له‎ ‎الضوضاء عن طريق أصوات السيارات فى ‏الطريق العام وأجراس التليفونات والأصوات‎ ‎المتداخلة من حوله عن طريق المحادثات الجانبية وصوت المكيف وغلق ‏الأبواب وغيرها من‎ ‎مصادر متنوعة حسب طبيعة كل عمل. كما تظهر له الضوضاء أثناء عودته من العمل من خلال‎ ‎وسائل ‏النقل المختلفة وازدحام الإشارات وأصوات سيارات النجدة والإسعاف وأصوات‎ ‎الأتوبيسات وأصوات مسجلات الصوت ‏المنبعثة من السيارات. وكل هذه المصادر المتنوعة‎ ‎المسببة للضوضاء وغيرها لها تأثيرات مباشرة وسلبية على‎ ‎الإنسان‎ ‎وحيث ‏أن‎ ‎الإنسان‎ ‎هو محور البيئة يتفاعل‎ ‎معها ويتأثر بها فإن أى تأثير ضار كالضوضاء من المحتمل أن يؤثر سلبياً على‎ ‎الإنسان‎.

ومن الملاحظ تزايد مشكلة‎ ‎التلوث‎ ‎الضوضائى فى الريف بصفة‎ ‎عامة وفى الحضر بصفة خاصة بصورة أصبحت مهددة لراحة ‏المجتمع وهدوءه‎.

حيث تشير‎ ‎التقارير إلى أن درجة السمع لدى سكان الريف قد أخذت فى التناقص أخيراً بدرجة فاقت‎ ‎أحياناً ما هو عليه ‏لدى سكان المدن. فقد ذكر بيلز‎ Beales 1945 ‎أن درجة السمع لدى‎ ‎القبائل البدائية فى السودان الذين تتراوح أعمارهم ما ‏بين 70، 79 تعادل درجة السمع‎ ‎عند الأمريكان الذين تتراوح أعمارهم ما بين 30، 39 سنة. (1 : 183 : 187‏‎)

ومن‎ ‎الملاحظ هذه الأيام تزايد أعداد المركبات مما يتبعه زيادة مماثلة فى الضوضاء داخل‎ ‎المدن والمناطق المحيطة بالسكان ‏والمستشفيات والمدارس مما يؤدى إلى تفاقم مشكلة‎ ‎الضوضاء بصورة أكبر داخل المدن الحضرية‎.

وتشير الدراسة التى أجريت على مدينة‎ ‎القاهرة الكبرى سنة 1982 ِإلى ارتفاع نسبة الضوضاء المنبعثة من المركبات حيث ‏وجد أن‎ ‎مستوى الضوضاء فى شوارع وسط المدينة قد تجاوز 65 ديسيبل مع أن الحدود المسموح بها‎ ‎فى الشارع هى 45 ‏ديسيبل نهاراً و 35 ديسيبل ليلاً. (2: 421‏‎)

ومن الملاحظ أن مشكلة الضوضاء تتزايد‎ ‎فى المدينة الكبرى عاماً بعد عام مع تزايد عدد السيارات والشاحنات ‏والتزايد‎ ‎السكانى، وكل هذا يتبعه أضرار بالغة بالإنسان مما يؤثر عليه صحياً ونفسياً‎ ‎واجتماعياً مما يفوق احتمال النفس البشرية ‏وتخلق ضغوطاً توتر أعصاب وعقول سكان‎ ‎القاهرة وخاصة الأضرار التى اجتازت حاجز الأمان بالجهاز السمعى. حيث تشير ‏البحوث أن‎ ‎الضوضاء لها القدرة على تدمير حاسة السمع عند الأطفال وكبار السن إلى جانب‎ ‎أضرارها الأخرى على ‏صحة الإنسان. (4 : 35‏‎)

فعندما تزداد الضوضاء عن 110‏‎ ‎ديسيبل تحدث ألم شديد بالأذن ونجد أن شوارع المدن تصل فيها الضوضاء إلى أكثر من‎ ‎‎95 ‎ديسيبل مما يؤدى إلى اختراق حاجز الأمان للجهاز السمعى لسكان المدينة ويؤدى إلى‎ ‎أضرار قد تصل إلى فقدان تام ‏للسمع سواء على المدى القريب أو المدى‎ ‎البعيد‎.

فالضوضاء هى العامل الرئيسى للإخلال بالصحة العامة للمواطنين لما‎ ‎تسببه من آثار سلبية عديدة وخاصة على حاسة السمع ‏التى عن طريقها نشعر بالضوضاء‎ ‎وتأثيرها السلبى علينا‎.

التأثيرات الناجمة للتلوث السمعى على‎ ‎الإنسان‎ :

تناولت كثير‎ ‎من الدراسات التأثيرات الناتجة عن الضوضاء، فمنها من تناول تأثير الضوضاء على‎ ‎الناحية الفسيولوجية ‏والصحية، وبعض الدراسات تناولت الناحية السيكولوجية وبعضها‎ ‎تناول الأداء والتحصيل لدى تلاميذ المدارس والآخر ‏تناولها من ناحية الأداء سواء فى‎ ‎العمل أو فى الدراسة‎.

كذلك التأثيرات الناجمة عن الضوضاء على الاتصال‎ ‎والإنتاجية والسلوك الاجتماعى والتطوع بمساعدة الآخرين وأيضاً تأثيرها ‏على حاسة‎ ‎السمع لدى‎ ‎الإنسان‎ ‎ومع التنوع فى‎ ‎الدراسات التى تناولت التأثيرات الناجمة عن الضوضاء سوف تتناول بإيجاز ‏كل‎ ‎تأثير‎

‎- ‎التلوث‎ ‎السمعى‎ ‎وتأثيره على النواحى الصحية والفسيولوجية‎ :

أجريت دراسات مستفيضة على‎ ‎التأثيرات الجسدية‎ ‎نتج عنها فرضية تربط ردود الأفعال الفسيولوجية بالانفعالات‎ ‎الصحية ‏وبقدرة الفرد على إنجاز مهامه‎.

وقد تم وصف مجموعة التأثيرات التالية‎ ‎كردود أفعال جسدية للضوضاء‎ :

‎- ‎انقباض الأوعية الدموية الطرفية‎.

‎- ‎تغير فى إيقاع القلب‎.

‎- ‎تنفس عميق، وبطئ‎.

‎- ‎تغير مقاومة الجلد (إفراز‎ ‎العرق‎).

‎- ‎تغير طفيف فى الشد العضلى‎.

‎- ‎تغير فى حركة الجهاز‎ ‎المعدى‎.

‎- ‎التغير الكيميائى للدم والبول‎.

وتختلف ردود الأفعال هذه من‎ ‎شخص إلى آخر وتكون أكثر وضوحاً عند نفس الشخص عندما يكون الصوت أكثر شدة. ‏‏(5‏‎: 27)

‎- ‎التلوث‎ ‎السمعى‎ ‎وتأثيره على النواحى النفسية‎ :

تسبب الضوضاء الإزعاج للإنسان وتؤثر على‎ ‎أعصابه إذا ما استمرت لفترة طويلة وعلى وتيرة واحدة. فالقلق والتوتر ‏العصبى وحدة‎ ‎المزاج منتجات إضافية للعصر التكنولوجى. فتستطيع الضوضاء أن تسبب مشاعر مختلفة من‎ ‎عدم الرضا إلى ‏الضيق والخوف والجزع. كما تعتبر كل ضوضاء فوق 90 ديسيبل أكثر إزعاجاً‎ ‎عندما تكون غير متوقعة. (6 : 222‏‎)

كما أن الضوضاء دون الـ 60 ديسيبل تؤثر فى‎ ‎قشرة المخ وتقلل النشاط ويؤدى هذا إلى استثارة القلق وعدم الارتياح ‏الداخلى والتوتر‎ ‎والارتباك وعدم الانسجام والتوافق الصحى. (7 : 106‏‎)

فالفرد قد يتراكم لديه‎ ‎من غير أن يشعر توتر عصبى بسبب التعرض للضوضاء وهذا قد يسبب انهياراً عصبياً للشخص‎ ‎المعرض للضوضاء مما يسرع للإصابة بالأزمات الانفعالية. (8: 62‏‎)

وقد أكدت‎ ‎الأبحاث الطبية النفسية أن نسبة من الأمراض العصبية والنفسية الضوضاء أحد‎ ‎أسبابها‎.

كما توضح دراسات جاديك‎ (Gadeke, 1964) ‎أن للضوضاء آثاراً بالغة على‎ ‎النمو الفكرى للأطفال بالإضافة أن الأطفال ‏الحساسين يعانون فى حالة تعرضهم لضوضاء‎ ‎أعلى من 35-40 ديسيبل لرعب وذعر ويصبحون شديدى الحذر من كل ما ‏يحيط بهم. (7‏‎: 107)

فالضوضاء لها تأثير سلبى وضاغط على نفسية الإنسان، ويؤثر الضغط النفسى‎ ‎بالسلب على الصحة النفسية للفرد فى مختلف ‏سنوات عمره، ويظهر فى شكل ذعر وقلق‎ ‎وارتباك وعدم تركيز وإرهاق واكتئاب وتعكر عليه الصفاء الذهنى مما يؤدى إلى ‏تدهور‎ ‎حالته النفسية التى تؤدى إلى انخفاض مستوى أدائه وتعوق نموه النفسى‎

‎- ‎تأثير‎ ‎التلوث‎ ‎السمعى على الأداء‎ :

يعتبر برودبنت‎ Broodbent ‎أول من اهتم بدراسة آثار الضوضاء على الأداء،‎ ‎وأول دراساته سنة 1951 فى سلوك ‏التيقظ، واستمر بعد ذلك فى إجراء بحوثه وتجاربه‎ ‎ويحاول من خلالها التعرف على تلك الآثار. ويرى برودبنت أن هناك ‏تناقض فى نتائج‎ ‎البحوث حول أثر الضوضاء على الأداء الإنسانى عامة. (9: 426 : 429‏‎)

فبعض‎ ‎الدراسات ترى أن الضوضاء تؤثر على القدرة الذهنية للفرد مما يؤدى إلى الشعور‏‎ ‎بالإجهاد الذهنى وعدم القدرة على ‏الاستيعاب والتعلم. كما تؤثر على الأعمال التى‎ ‎تتطلب اليقظة والأعمال الحسابية‎.

حيث ثبت أن التعرض للضوضاء لمدة ثانية‎ ‎واحدة يقلل من التركيز لمدة 30 ثانية. (2: 419‏‎)

كما أوضحت دراسة طبية أن‎ ‎التعرض المستمر للضوضاء يؤثر على عدم القدرة على التركيز وقلة الكفاءة فى الأداء‎ ‎والبطء فى ‏ردود الأفعال عند الخطر مما يؤدى إلى زيادة التعرض لخطر‎ ‎الحوادث‎.

والملاحظ أن أثر الضوضاء على الأداء تتدخل فيه عوامل كثيرة تؤثر‎ ‎على الأداء الإنسانى عامة ومنها : طبيعة العمل، ‏فالضوضاء تسبب نقصاً فى مستوى‎ ‎الأداء على المهام الصعبة التى تحتاج إلى تركيز عالى ولا يكون لها تأثير واضح على‎ ‎المهام ‏الأسهل. كما أن الأصوات الغريبة وغير المألوفة تحدث ضوضاء عالية. وكذلك‎ ‎الضوضاء ذات الشدة العالية تقلل من ‏مستوى الأداء عكس الضوضاء ذات الشدة المنخفضة‎. ‎أما عن طريق حدوث الضوضاء فالضوضاء المتقطعة سبباً فى حدوث ‏التوتر والقلق وتشتت فى‎ ‎الانتباه مما يقلل الأداء، وإدراك الفرد للضوضاء واتجاهه نحو مصدرها فانخفاض مستوى‎ ‎الأداء ‏يتوقف على إدراك الفرد للضوضاء وعجزه عن ضبطها. (10 : 279‏‎)

‎- ‎التلوث‎ ‎السمعى وتأثيره على‎ ‎الإنتاجية‎ :

الضوضاء لها تأثير سلبى على صحة‎ ‎الإنسان‎ ‎ومن أحد الأسباب‎ ‎الرئيسية فى خفض الدافع للأداء، والتركيز وتشتيت الانتباه ‏وسبباً فى الإزعاج والضيق‎ ‎وهذا بالتالى يؤثر على العامل القريب من مصادر الضوضاء فى شعوره بالتعب والإرهاق‎ ‎السمعى ‏والجسمى، وبالتالى تقل إنتاجية العامل وتسوء مقدرته على العمل‎.

حيث‎ ‎لوحظ فروقاً محسوسة فى الإنتاج بين العمل الذى يتم فى جو هادئ والعمل الذى يؤدى فى‎ ‎جو كله ضوضاء. وأن ‏الضوضاء تسبب حوالى 50% من الأخطاء فى الدراسات الميكانيكية و‏‎ 20% ‎من الحوادث المهنية وحوالى 20% من أيام ‏العمل الضائعة. (11: 98‏‎)

‎- ‎التلوث‎ ‎السمعى وتأثيره على السيدات‎ ‎الحوامل‎ :

يقوم العلماء منذ فترة طويلة بدراسة تأثيرات الصوت على الأجنة فى‎ ‎بطون أمهاتهم. ولا شك أن الجنين يستحق هذا الاهتمام ‏لأنه من أكثر الكائنات حساسية‎. ‎ومن المؤكد أنه يتأثر نتيجة لضغط الصوت على الأوعية الدموية فى بطن الأم. (6‏‎: 222)

حيث أثبتت الأبحاث العلمية مؤخراً أن للضوضاء تأثير سلبى على الأجنة فى‎ ‎بطون الحوامل خاصة بين العاملات فى المصانع ‏والأوساط المتعرضة لدرجات من الضوضاء‎ ‎بسبب حساسية الجهاز العصبى للأجنة. مما يعرضها للإصابة بأمراض عصبية، ‏وقلق، وتوتر‎ ‎بعد الولادة‎.

وقام العلماء بتسليط درجات من الصوت على بطون السيدات الحوامل‎ ‎وثبت: زيادة ضربات القلب لدى الأجنة، وتوتر ‏بالجهاز العصبى وفى استجاباتهم‎ ‎الفسيولوجية للضوضاء مما يولد لديهم استعداداً مسبقاً للنوبات العصبية بعد‎ ‎الولادة‎.

هذا وقد تكون الضوضاء سبباً فى تشوه الأجنة إذا ما تعرضت الأم‎ ‎لضوضاء مرتفعة لفترات طويلة. (12 : 5‏‎)

‎- ‎التلوث‎ ‎السمعى وتأثيره على‎ ‎التلاميذ‎ :

إن أكثر الناس تأثراً بالضوضاء فى مجال التعليم هم التلاميذ حيث‎ ‎تؤثر الضوضاء بدرجة كبيرة فى تقبلهم وفهمهم لما يتلقونه من ‏معلومات. (13‏‎ : 121)

فتأثير الضوضاء على تلاميذ المدارس يتمثل فى قلة استيعابهم وتركيزهم‎ ‎وعدم القدرة على حل أبسط العمليات الحساسية ‏كذلك الإرهاق والتعب والدوار لعدم تحمل‎ ‎الجهاز العصبى والقدرات الفعلية للعمل فى جو مشحون بالضوضاء. (14: 126‏‎ : ‎‎127)

أوضحت دراسة على ردود الأفعال لدى أطفال المدارس الذين تتراوح أعمارهم‎ ‎ما بين 11 و 12 سنة والذين يتعرضون إلى ‏ضوضاء بمعدل 47‏‎ dB ‎فتبين أنه يحدث لديهم نقص‎ ‎فى نشاط المخ ينتج عنه نقص فى تنبه الجملة العصبية مما ينعكس على ‏انخفاض قدرتهم‎ ‎الاستيعابية وسوء الرؤية كما أن رفع شدة الضوضاء فى غرف الدراسة من 30 إلى 47‏‎ ‎ديسيبل ينتج عنه ‏ارتفاع فى الأدرينالين فى الدم من 2.7 إلى 4.11% وانخفاض كمية‏‎ ‎السكر فى الدم فى نهاية اليوم الدراسى ويفسر ذلك بأن ‏الجسم يتخذ دفاعاً ضد تأثير‎ ‎الضوضاء. (7: 106‏‎)

التلوث السمعى وتأثيره على سلوك الأفراد‎ :

الضوضاء‎ ‎فى ظل التقدم التكنولوجى أصبحت متعددة المصادر وتتواجد فى كل مكان أينما ذهب‎ ‎الإنسان‎ ‎فتتواجد فى المنزل،‎ ‎وفى الشارع وتصل إلى المكاتب والمدارس والمستشفيات. مما يؤثر على سلوك‎ ‎الإنسان‎ ‎ويؤثر على ردود أفعاله‎ ‎تجاه الآخرين ‏وفى علاقته بهم لما للضوضاء من تأثير على اتصاله بالآخرين وزيادة‎ ‎العبء عليه فى استقبال وإرسال الموضوع الذى يتحدث ‏فيه أو يستمع إليه، كذلك تؤثر على‎ ‎قدراته العقلية من انتباه ويقظة، وقلة إدراكه، كما تسبب التوتر والقلق والضغط‎ ‎النفسى. ومع استمرار هذه المؤثرات تؤثر أيضاً على صحته البدنية وتبعاً لهذا يتأثر‎ ‎سلوك الفرد ويصبح مقيداً بضغوط ‏الضوضاء وإزعاجها‎.

فقد أجمعت التجارب‎ ‎الميدانية والمعملية على أن الضوضاء تؤثر على السلوك الإنسانى تأثيراً سلبياً فهى‎ ‎تجعل الناس لا ‏يميلون إلى تقديم المعونة لمن يحتاجها كذلك لوحظ زيادة التوتر العصبى‎ ‎مما يؤدى إلى الصراع والعنف وربما القتل. (15: ‏‏48‏‎)

ومن خلال الدراسات‎ ‎والتجارب تبين أن الضوضاء تزيد من شدة الميول العدوانية لدى الأشخاص تبعاً لارتفاع‎ ‎نسبة ‏الضوضاء وشدتها والقرب من مصادرها. وكذلك فجائيتها مما يؤدى إلى ردود أفعال‎ ‎عنيفة وسلوك عدوانى‎.

كذلك الضوضاء الشديدة لها تأثيرها على حياة البشر‎ ‎الاجتماعية والعائلية ويتضح ذلك من خلال أسلوب المساعدة بين ‏الأفراد والقرب‎ ‎والتنافر فى المواقف الاجتماعية المختلفة‎.

ونجد التأثير واضحاً بالنسبة‎ ‎للعاملين بوسط مدينة القاهرة، فالعمال المعرضون لضوضاء شديدة يعانون أكثر من‎ ‎المشكلات ‏العائلية مقارنة بالعمال الأقل تعرضاً للضوضاء بنسبة 12% مقابل 5%. (16‏‎ : 412)

التلوث السمعى وتأثيره على حاسة السمع‎ :

السمع من أهم الحواس فى‎ ‎جسم الإنسان، فعن طريق السمع يستطيع‎ ‎الإنسان‎ ‎التعرف على ما يدور‎ ‎حوله ويكتسب به ‏الخبرات والمعلومات ويتلقى به العلم وأكثر ما يسبب تأثير مباشر أو‎ ‎غير مباشر على الأذن هى الضوضاء العالية الشديدة‎.

ولوحظ ظاهرة ضعف السمع‎ ‎الناتج عن التعرض للضوضاء‎ ‎منذ أمد بعيد يمتد حتى 1880م وذلك عندما ظهرت آثار ضعف‎ ‎السمع لدى العاملين فى محطات السكك الحديدية ومنها بدأ الارتباط المباشر بين ضعف‎ ‎حاسة السمع والتعرض للضوضاء ‏وانعكس بالتالى على البلدان الصناعية الكبرى بإصدار‎ ‎نصوص قانونية تحكم هذه الظاهرة‎.

حيث يتأثر غشاء طبلة الأذن بالأصوات العالية‎ ‎والحادة وقد يتمزق، كذلك تعانى الأذن الوسطى من آلام مؤقتة أو مستمرة ‏ناتجة عن‎ ‎التعرض المستمر للضجيج مما ينتج عنه إصابات الأذن الداخلية وعصب السمع بفقدان السمع‎ ‎الجزئى أو الكلى أو ‏نقص حاسة السمع للأصوات بصفة عامة. (17 : 316‏‎ : 322)

نلاحظ فى شوارع المدن ظاهرة استخدام الشباب أثناء قيادتهم السيارة‎ ‎للكاسيت بصورة غير حضارية فينبعث من ‏السيارة أصوات صاخبة لا تتحملها الأذن ولا‎ ‎الأعصاب بالإضافة إلى أصوات الشكمانات والفرملة بسبب السرعة الجنونية ‏دون مراعاة‎ ‎للمارة فى الشارع وقلة حيلتهم فى السيطرة على هذه الأصوات الحادة‎.

كذلك‎ ‎ظاهرة ارتياد الشباب حفلات الديسكو الصاخبة فى الملاهى الليلية وإنصاتهم لأجهزة‎ ‎الكاسيت المستمر بصوت صاخب ‏غير مدركين لمدى التأثير السالب من أصوات الضجيج الصاخبة‎ ‎التى تصل إلى آذانهم فى السيارة وفى المنزل عن طريق ‏جهاز الكاسيت وفى الملاهى‎ ‎الليلية ومدى ما تسببه لهم من ضعف فى حدة السمع أو فقدان جزئى أو كلى لحاسة‎ ‎السمع‎.

‎* ‎العوامل التى تتوقف عليها تأثيرات‎ ‎التلوث‎ ‎السمعى‎ :

‎1-‎طول فترة‎ ‎التعرض للضوضاء : حيث يتناسب التأثير ودرجة الخطورة طردياً مع طول فترة‎ ‎التعرض‎.

‎2-‎شدة الصوت ودرجته : فكلما اشتد الصوت كان تأثيره السلبى‎ ‎أكبر‎.

‎3-‎حدة الصوت : فالأصوات الحادة أكثر تأثيراً من الأصوات‎ ‎الغليظة‎.

‎4-‎المسافة بين مصدر الصوت والسامع : فكلما قرب‎ ‎الإنسان‎ ‎من مصدر الصوت كان‎ ‎تأثيره به أبلغ وأقوى‎.

‎5-‎فجائية الصوت : الصوت المفاجئ أو المتقطع أكثر‎ ‎تأثيراً من الضجيج المستمر على الإنسان. (18 : 226‏‎)

كما اضيف للتأثيرات‎ ‎الناجمة عن الضوضاء عامل إمكانية التنبؤ بالضوضاء والسيطرة عليها حيث تقلل من تأثير‎ ‎الضوضاء، ‏كذلك مدى حساسية الشخص للضوضاء ومعناها بالنسبة له. كل هذا من العوامل‎ ‎التى تتوقف عليها تأثيرات الضوضاء ‏على الأشخاص فى البيئة المحيطة‎.

والضوضاء‎ ‎فى ظل العصر التكنولوجى الحاضر من أحد الأسباب الرئيسية المؤثرة على جميع اجهزة جسم‎ ‎الانسان وخاصة ‏لدى الأطفال ، فتؤثر على سماعهم للمحاضرات وتلقى العلم وتؤثر أيضاً‎ ‎على حاسة السمع لديهم سواء بالتشويش أو بالطنين ‏والرنين داخل الأذن من أصوات حادة‎ ‎وشديدة أو انخفاض حاسة السمع مؤقتاً ومع الاستمرار فى التعرض للضوضاء ‏تنخفض حاسة‎ ‎السمع ويصبح ضعف دائم لحاسة السمع.هذا مع التأثيرات المختلفة على الصحة النفسية‎ ‎للانسان من مختلف ‏جوانبها‎ .

المراجع‎ :
‎1- ‎ت. باكاكس‎

الأبعاد‎ ‎الصحية للتحضر، ترجمة محمد عبد الرحمن الشرنوبى، مطابع الخط، الكويت‎.

‎2- ‎أحمد عبد الرازق‎

آليات‎ ‎التلوث‎ ‎البيئى وآثاره ومعالجته،‎ ‎المؤتمر القومى الأول للدراسات والبحوث البيئية، مجـ2،‎

معهد الدراسات‎ ‎والبحوث البيئية، جامعة عين‎
أسأل الله الصحة والعافية لنا ولجميع‎ ‎المسلمين‎
‎...................... منقول
أشهد ألا إله إلاّ الله، وأشهد أن محمدًا‎ ‎رسول الله، عليها نحيا وعليها نموت وعليها نلقى الله‎
لا إله إلا أنت سبحانك إني‎ ‎كنت من الظالمين‎
سبحان الله وبحمده سبحان الله‎ ‎العظيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق